Friday, September 13, 2013

عصير الضاحية

بعد انتهائه من صراع التفاخر بين أقرانه في شارع الحُب، قرّر أن يغيّر مساره ليدخل المنطقة التي ولد بها. انتظر قليلاً لتزاحم السيارات ليحصل على موقف لسيارته الرياضية الصفراء...


ولكن بعد محاولات عديدة ولأنها ليلة عطلة نهاية الأسبوع نفذ صبره وكعادته وجد عذراً لأن يُلهيَ نفسه بهاتفه الحديث مستعرضاً أحد برامج وسائل التواصل الاجتماعي لتمضية الوقت. فهو دائماً ما يشعر بضيقة في صدره ولحاجة للهروب لعالم آخر ليتواصل معه متجاهلاً كل من حوله مع وجود الكثير من الشباب والشابات من حوله و في نفس المكان الذي .يتواجد به رافضاً مرحلة الملل التي يمر بها

وما أن وجد موقفاً أمام باب البنك إلّا و أشار بيده لذلك العامل في الدكان الصغير الذي يسجّل طلبات الزبائن ويقوم على تلبية طلباتهم من أنواع العصائر التي يقوم الدكان الصغير عبر النافذة الصغيرة بعصرها أو خلطها ان صح التعبير.

احتار، تردد بالاختيار ولكنه سأل متابعيه عن أفضل نوع عصير يشتهر به هذا المكان. فسرعان ما أجابه أحدهم وذكر اسم ذلك المزيج المميّز والملقّب باسم "عوار قلب" كأنّ من أطلق عليه تلك التسمية يعلم بما يحس به هذا الشاب الراغب بالهروب من عالمنا الذي نعيش به.

عندها فقط، انتهى صديقه من المكالمة التي كان يجريها مع والدته مستعجلاً ليتغزّل بإحداهن والتي كانت برفقة زميلتها بالجامعة التي اصطحبتها لشرب العصير من ذلك الدكان الصغير.

انتبه صاحب السيارة الرياضية الصفراء لمشية البنت الخيلاء، التي نالت اعجابه مع أنه لم يرَ منها إلا عبائتها المحتشمة .وطرف حجابها المستور وعبّر لصاحبه قائلا بسرور: لابّد أن اعرف عنها كلّ شيء لعلّها تكون لي كلّ شيء

فور انتهائه من دفعه لفاتورة الطلب وخلال وصول دورية الشرطة بألون أنوارها الزرقاء والحمراء لم يتمكّن من النظر لوجه تلك الفتاة ولكنّه أصر على اللحاق بها ليعلم مكان بيت أهلها.

لم يكن بعيداً، لم يكن جديداً... فهو يعرف ذلك الطريق ويحفظ تلك المنعطفات لأنها المنطقة التي ولد بها. وجد نفسه يقترب من منزله بينما تبادل نظرات الاستغراب مع صاحبه فزميلتها أنزلتها وبدورها سارعت لمنزلها بالدخول ولعّلها علامات الذهول بانت على صديقه الذي يعتذر لدموع الآخر التي تنهمر.

لم يعرف أن ذات الحجاب المستور أخته اللي كانت "سفور".


لا تهرب للتواصل مع الغريب وتترك القريب فالتكنولوجيا الحديثة قرّبتهم فلا تهجر من تربطك بهم صلة رحم ودم ولحم.